فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال لهم إبراهيم عليه السلام {قَالَ أَفَرَءيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الإعلام، يعني: اعلموا أن الذي كنتم تعبدون {أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمُ} وَأَجْدَادُكُمْ يعني: معبودكم ومعبود آبائكم وأجدادكم {الاقدمون} يعني: الماضين {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى} يعني: إنهم أعدائي {إِلاَّ رَبَّ العالمين} يقال معناه: إلا من يعبد رب العالمين.
ويقال: كانوا يعبدون مع الله الآلهة.
فقال لهم: جميع ما تعبدون من الآلهة، فإنهم عدو لي إلا رب العالمين، فإنه ليس لي.
ويقال: معناه أتبرأ من أفعالكم وأقوالكم، إلا الذي تقولون: رب العالمين وهو قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87] ويقال: إلا بمعنى لكن، ومعناه: فإنهم عدو لي، لكن رب العالمين، يعني: لكن أعبد رب العالمين.
ثم وصف لهم رب العالمين فقال: {الذى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ} يعني: يحفظني ويثبتني على الهدى {والذى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ} يعني: هو الذي يرزقني ويرحمني.
ثم قال: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} فقد أضاف سائر الأنبياء إلى الله تعالى، وأضاف المرض إلى نفسه، لأن المرض كسب يده كقوله عز وجل: {وَمَآ أصابكم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30] وفيه كفارة وإذا كان أصله من كسب نفسه أضافه إلى نفسه ثم قال: {والذى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ} يعني: يميتني في الدنيا، ويحييني في المبعث {والذى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدين} يعني: أرجو أن يغفر خطيئتي، وهو قوله: {فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} [الصافات: 89] ويقال وقوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] وقوله لسارة: هذه أختي.
ويقال: يعني: ما كان مني الزلل ويقال: هو قوله: {فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّى هاذآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يا قوم إِنِّى برىء مِّمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 78] ويقال ما كان نبي من الأنبياء إلا وقد همّ بزلة، ثم قال: {رَبّ هَبْ لِى حُكْمًا} يعني: النبوة {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} يعني: بالمرسلين في الجنة {واجعل لّى لِسَانَ صِدْقٍ في الاخرين} يعني: الثناء الحسن في الباقين، وإنما أراد بالثناء الحسن، لكي يفيدوا به، فيكون له مثل أجر من اقتدى به {واجعلنى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم} يعني: اجعلني ممن ينزل فيها.
ثم قال: {واغفر لاِبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين} يعني: اهده إلى الحق من الضلالة والشرك.
يعني: إنه كان من المشركين في الحال كقوله عز وجل: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ في المهد صَبِيًّا} [مريم: 29] يعني: من هو في الحال صبي.
ويقال: إنه كان من الضالين حين فارقته كقوله: {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لمساكين يَعْمَلُونَ في البحر فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] وهذا الاستغفار حين كان وعده بالإسلام.
وقال مقاتل: إن إبراهيم عليه السلام قد كذب ثلاث كذبات، وأخطأ ثلاث خطيئات، وابتلي بثلاث بليات، وسقط سقطة، فأما الكذبات فقال: {فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وقوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] وقوله لسارة حين قال هي أختي.
والخطايا قوله للنجم والشمس والقمر: {فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً قَالَ هذا رَبِّى هاذآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يا قوم إِنِّى برىء مِّمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 78] وأما البليات: حين قذف في النار، والختان والأمر بذبح الولد، وسقط سقطة حين دعا لأبيه، وهو مشرك.
وقال غيره لم يكذب ولم يخطىء، ولم يسقط، لأنه قال: {إِنّى سَقِيمٌ} يعني: سأسقم، لأن كل آدمي سيصيبه السقم.
وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا} قَد قرنه بالشرط، وهو قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَاسْألُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ} [الأنبياء: 63] وقوله لسارة: هي أخته، فكانت أخته في الدين وقوله: {هذا رَبّى} كان على وجه الاسترشاد لا للتحقيق.
ويقال: كان ذلك القول على سبيل الإنكار والزجر.
يعني: أمثل هذا ربي، وأما دعاؤه لأبيه، فعن وعدة وعدها إياه، وقد بيّن الله تعالى بقوله: {وَمَا كَانَ استغفار إبراهيم لًابِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إبراهيم لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114] الآية.
يعني: أن أباه وعده أنه سيؤمن، فما دام حيًا يرجو أو يدعو، وإذا مات ضالًا ترك الاستغفار.
ويقال: إن إبراهيم كان وعده أن يستغفر له حيث قال: {قَالَ سلام عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ ربي إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا} [مريم: 47]، فَاستغفر له ليكون منجزًا لوعده ثم قال: {وَلاَ تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ} يعني: لا تعذبني يوم يبعثون من قبورهم إلى هاهنا كلام إبراهيم، وقد انقطع كلامه.
ثم إن الله تبارك وتعالى وصف ذلك اليوم {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} يعني: يوم القيامة لا ينفع المال الذي خلفوه في الدنيا، وأما المال الذي أنفقوا في الخير، فليس ينفعهم، {وَلاَ بَنُونَ} يعني: الكفار لأنهم كانوا يقولون: {وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أموالا وأولادا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: 35]، فأخبر الله تعالى أنه لا ينفعهم في ذلك اليوم المال ولا البنون، وأما المسلمون ينفعهم المال والبنون، لأن المسلم إذا مات ابنه قبله يكون له ذخرًا وأجرًا في الجنة، وإن تخلف بعده، فإنه يذكره بصالح دعائه، فينفعه ذلك ثم قال: {إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} يعني: من جاء بقلب سليم يوم القيامة ينفعه المال والبنون.
ويقال: {إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، فذلك ينفعه، والقلب السليم هو القلب المخلص.
قال ابن عباس: يعني: بقلب خالص من الشرك.
وروى أبو أسامة بن عوف قال: قلت لابن سيرين، ما القلب السليم قال: أن تعلم أن الله عز وجل حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، ويقال: سليم من اعتقاد الباطل.
ويقال: سليم من النفاق والهوى والبدعة.
وسئل أبو القاسم الحكيم عن القلب السليم، قال له ثلاث علامات، أولها أن لا يؤذي أحدًا، والثاني أن لا يتأذى من أحد، والثالث إذا اصطنع مع أحد معروفًا لم يتوقع منه المكافأة، فإذا هو لم يؤذ أحدًا، فقد جاء بالورع، وإذا لم يتأذ من أحد، فقد جاء بالوفاء، وإذا لم يتوقع المكافأة بالاصطناع، فقد جاء بالإخلاص.
ثم قال عز وجل: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} يعني: قربت الجنة للمتقين الذين يتقون الشرك والفواحش، يعني: أن المتقين قربوا من الجنة ثم قال: {وَبُرّزَتِ الجحيم لِلْغَاوِينَ} يعني: أظهرت الجحيم، وكشفت غطاءها للكافرين.
ويقال: يؤتى بها في سبعين ألف زمام {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} أي يقال للكفار: أين معبودكم الذين كنتم تعبدون من دون الله {هَلْ يَنصُرُونَكُمْ} يعني: هل يمنعونكم من العذاب؟ {أَوْ يَنتَصِرُونَ} يعني: هل يمتنعون من العذاب؟ فاعترفوا أنهم لا ينصرونهم، ولا ينتصرون، فأمر بهم إلى النار.
ويقال: {أَيْنَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} يعني الشياطين، لأنهم أطاعوها في المعصية، فكأنهم عبدوها.
قوله عز وجل: {فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ والغاوون} يعني: جمعوا فيها هم والغاوون.
ويقال: فكبكبوا فيها فقدموا من النار هم، والغاوون يعني: الكفار والآلهة، والشياطين الذين أغووا بني آدم، وهذا قول مقاتل ويقال: فكبكبوا فيها يعني: ألقي بعضهم على بعض.
وقال القتبي: الأصل كببوا، أي ألقوا على رءوسهم فيها، فأبدل مكان إحدى الباءين كاف.
وقال الزجاج: هو تكرير الانكباب، لأنه إذا ألقي ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر فيها.
ويقال: جمعوا فيها ومنه حديث جبريل عليه السلام أنه ينزل في كبكبة من الملائكة.
يعني: جماعة من الملائكة عليهم السلام.
ثم قال عز وجل: {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} يعني: جمعوا فيها جميعًا {قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} يعني: الكفار والأصنام.
ويقال: الكفار والشياطين ويقال: الرؤساء والأتباع.
ومعناه: قالوا وهم يختصمون فيها على ما معنى التقديم {تالله} يعني: والله {إِن كُنَّا لَفِى ضلال مُّبِينٍ} يعني: في خطأ بين {إِذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ العالمين} يعني: نطيعكم كما يطيع المؤمنون أمر الله عز وجل: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ المجرمون} يعني: ما صرفنا عن الإيمان إلا الشياطين.
ويقال: رؤساؤنا ويقال: آباؤنا المشركون {فَمَا لَنَا مِن شافعين} يعني: حيث يرون الأنبياء عليهم السلام يشفعون للمؤمنين والملائكة عليهم السلام يشفعون ولا يشفع أحد للكفار.
فيقولون: ليس أحد يشفع لنا {وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ} يعني: قريب يهمه أمرنا.
قوله عز وجل: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} يعني: رجعة إلى الدنيا {فَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} يعني: من المصدقين على دين الإسلام {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} يعني: لعبرة لمن يعبد غير الله، ليعلم أنه يتبرأ منه في الآخرة، ولا ينفعه {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} يعني: الذين جمعوا في النار، ولم يكونوا مؤمنين {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز} بالنقمة لمن عبد غيره {الرحيم} بالمؤمنين قوله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين} يعني: نوحًا عليه السلام وحده.
ويقال: جميع الأنبياء عليهم السلام، لأن نوحًا عليه السلام، دعاهم إلى الإيمان بجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، فلما كذبوه، فقد كذبوا جميع الرسل {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} يعني: نبيهم سماه أخوهم، لأنه كان منهم وابن أبيهم {أَلاَ تَتَّقُونَ} يعني: ألا تخافون الله تعالى فتوحدوه {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} فيما بينكم وبين ربكم، وجعلني الله عز وجل أمينًا في أداء الرسالة إليكم.
ويقال: إنه كان أمينًا فيهم قبل أن يبعث {فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ} أي: خافوا الله واتبعوني فيما أمركم به {وَمَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} يعني: على الإيمان مِنْ أَجْرٍ أي أجر {إِنْ أَجْرِىَ} يعني: ما ثوابي {إِلاَّ على رَبّ العالمين فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ} وقد ذكرناه.
قوله عز وجل: {قَالُواْ أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} يعني: أنصدقك واتبعك سفلتنا ويقال: الضعفاء.
قرأ يعقوب الحضرمي وأتباعك الأرذلون، وهو جمع تابع ومعناه: وأتباعك الأرذلون، وقراءة العامة {واتبعك الارذلون} بلفظ الماضي.
فيقال: من اتبع قال لهم نوح {قَالَ وَمَا عِلْمِى بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يعني: ما كنت أعلم أن الله تعالى يهديهم من بينكم ويدعكم {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ على رَبّى} يعني: ما حسابهم إلا على ربي.
ويقال: ما سرائرهم إلا عند ربي {لَوْ تَشْعُرُونَ} أن الله تعالى علام الغيوب قالوا لنوح: اطردهم حتى نؤمن لك.
قال لهم نوح: {وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} يعني: ما أنا إلا منذر لكم بلغة تعرفونها {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يالوط نُوحٌ لَتَكُونَنَّ مِنَ المرجومين} أي من المقتولين ويقال من المرجومين بالحجارة قوله عز وجل: {قَالَ رَبّ إِنَّ قَوْمِى كَذَّبُونِ} بالعذاب والتوحيد {فافتح بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا} يعني: اقض بيني وبينهم قضاء ويقال للقاضي فتاح، وهذه لغة أهل اليمن {وَنَجّنِى وَمَن مَّعِى مِنَ المؤمنين} من العذاب ومن أذى الكفار {فأنجيناه وَمَن مَّعَهُ في الفلك المشحون} يعني: السفينة المملوءة الموقرة من الناس، والأنعام، وغير ذلك {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الباقين} يعني: من بقي ممن لم يركب السفينة، ولفظ البعد والقبل إذا كان بغير إضافة يكون بالرفع مثل قوله: {فِى بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون} [الروم: 4] وكقوله: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الباقين} وإذا كانت بالإضافة يكون نصبًا في موضع النصب كقوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظالمة وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ} [الأنبياء: 11] ثم قال عز وجل: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} يعني: لعبرة لمن استخف بفقراء المسلمين واستكبر عن قول الحق {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} فلم يؤمن من قومه إلاَّ ثمانون من الرجال والنساء {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز} بالنقمة لمن تعظم عن الإيمان، واستخف بضعفاء المسلمين، واستهزأ بهم {الرحيم} لمن تاب. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنْ أَسْرِ بعبادي إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ}.
يتبعكم فرعون وقومه.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن لؤلؤ قال: أخبرنا الهيثم بن خلف قال: حدّثنا الدورقي عن حجاج بن جريح في هذه الآية قال: أوحى الله سبحانه الى موسى أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أهل أبيات في بيت، ثم اذبحوا أولاد الضّأن فاضربوا بدمائها على أموالكم فإنّي سآمر الملائكة فلا تدخل بيتًا على بابه دم، وسآمرها فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم، ثم اخبزوا خبزًا فطيرًا فإنه أسرع لكم، ثم أسرِ بعبادي حتى ينتهي إلى البحر فيأتيك أمري ففعل ذلك، فلمّا اصبحوا قال فرعون: هذا عمل موسى وقومه قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا، فأرسل في أمره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسوّر مع كل ملك ألف، وخرج فرعون في الكرسي العظيم.